رقم قياسي يهدد الزراعة.. نصف أوروبا تحت رحمة الجفاف في يونيو

رقم قياسي يهدد الزراعة.. نصف أوروبا تحت رحمة الجفاف في يونيو
الجفاف- أرشيف

أكد "المرصد الأوروبي للجفاف" أن نصف مساحة أوروبا وسواحل البحر الأبيض المتوسط كانت لا تزال تعاني من درجات متفاوتة من الجفاف في الأيام العشرة الأولى من يونيو الجاري، في مستوى غير مسبوق لهذا الوقت من العام منذ بدء تسجيل البيانات في عام 2012.

وبلغت نسبة الأراضي المتأثرة بالجفاف 50% بين 1 و10 يونيو 2025، وهي نسبة تتجاوز بكثير المتوسط المُسجّل لنفس الفترة خلال السنوات من 2012 حتى 2024، والذي لم يتعدّ 33%، ما يُبرز تفاقم آثار التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة في الربيع الحالي، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.

ورغم أن هذه النسبة انخفضت بشكل طفيف مقارنةً بشهر مايو، حيث بلغت 52%، فإن الأرقام تبقى قياسية على صعيد بداية الصيف الأوروبي، وتؤشر إلى موسم زراعي وجوي بالغ القسوة، وفق ما أظهره مؤشر الجفاف الأوروبي (EDO)، التابع لبرنامج كوبرنيكوس لمراقبة الأرض.

كيف يُقاس الجفاف؟

يعتمد المرصد الأوروبي للجفاف في تحليله على مزيج من ثلاثة مؤشرات أساسية يتم رصدها عبر الأقمار الاصطناعية، وهي، معدلات هطول الأمطار، رطوبة التربة، وحالة الغطاء النباتي.

وتُستخدم هذه البيانات لرسم خريطة بثلاث درجات للجفاف: مراقبة، تحذير، وتنبيه. وعند بلوغ مرحلة "التنبيه"، تُسجّل تغيرات كبيرة في نمو الغطاء النباتي، ما يؤثر مباشرة على الزراعة والنظام البيئي.

وفقًا للتحليل الجديد، فإن المناطق الأشد تضررًا من الجفاف في مطلع يونيو كانت تقع في: شرق أوروبا وشمالها، شمال إفريقيا، خاصة المغرب.

وتم تسجيل نسب تفوق 80% من الأراضي المتأثرة في ست دول ومناطق، لوكسمبورغ (97%)، أرمينيا (95%)، شمال قبرص (91%)، بلجيكا (91%)، قبرص (87%)، المملكة المتحدة (84%).

بريطانيا تواجه شبح العطش

تُعاني المملكة المتحدة من تداعيات ارتفاع قياسي في درجات الحرارة خلال فصل الربيع، ما أدى إلى تراجع كبير في احتياطيات المياه الجوفية. 

وأعلن الاتحاد الزراعي الوطني البريطاني عن حالة تأهب زراعي، داعياً إلى الاستثمار العاجل في خزانات المياه داخل المزارع لحماية المحاصيل.

ووصلت 15% من أراضي البلاد إلى المستوى الأعلى من الجفاف (تنبيه)، ما يعني أن النمو النباتي تضرر بشكل غير طبيعي في هذه المناطق.

الجفاف يضرب بقوة

في بلجيكا، سُجلت أعلى معدلات التأثر، حيث طالت آثار الجفاف نحو ثلث مساحة البلاد. أما في أوكرانيا وبيلاروسيا، فقد تأثر أكثر من 25% من الأراضي الزراعية، ما يُهدد موسم الحصاد المقبل خاصة في ظل الظروف السياسية والأمنية غير المستقرة.

وبشكل مفاجئ، كانت دول الجنوب الأوروبي، وعلى رأسها إسبانيا والبرتغال، الأقل تضررًا رغم أنها كانت سابقًا بؤرًا مزمنة للجفاف. ففي أوائل يونيو تأثرت 8% فقط من الأراضي الإسبانية، وتأثرت أقل من 1% من الأراضي البرتغالية.

وهذه الأرقام تُعد أقل بكثير من المتوسط السنوي للفترة نفسها خلال العقد الأخير، والذي بلغ 38% لإسبانيا و33% للبرتغال، وذلك نتيجة هطول أمطار غزيرة في بداية الربيع.

الجفاف يتمدد شمالاً

في فرنسا، بقيت 39% من الأراضي خاضعة لمستويات الجفاف، خاصة في النصف الشمالي من البلاد، بينما ارتفعت المساحات الواقعة تحت "التحذير" إلى 8%، ما يهدد الإنتاج الزراعي في المناطق الوسطى والغربية، لا سيما الحبوب.

وحذّرت منظمات بيئية أوروبية من أن استمرار هذا المستوى من الجفاف في بداية الصيف يشير إلى موسم زراعي مضطرب، وتوقعت ارتفاع نسب حرائق الغابات ونفوق المواشي وتراجع إنتاج الغذاء، خاصة إذا ما ترافقت هذه الموجة مع موجات حر قادمة خلال شهري يوليو وأغسطس.

ودعت المنظمات إلى إطلاق خطط إنذار مبكر على مستوى الاتحاد الأوروبي، واستثمار عاجل في أنظمة إدارة المياه وإعادة تدويرها، استعدادًا لما وصفه خبراء المناخ بـ"الوجه الجديد للمناخ الأوروبي".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية